الرقابة القضائية على التصرف في الأموال العقارية للقاصر بين قصور النص القانوني وآفاق التعديل الباحث: محمد بن داود

[]

 

الرقابة القضائية على التصرف في الأموال العقارية للقاصر بين قصور النص القانوني وآفاق التعديل

Judicial control over the disposal of a minor’s real estate assets between the inadequacy of the legal text and the prospects for amendment

الباحث: محمد بن داود

خريج الماستر المتخصص في العقار والتعمير بالكلية متعددة التخصصات بالناظور

مــــلــــخـص

إن الأصل في إبرام العقود تمام الأهلية، لأن المبدأ العام هو التعاقد أصالة، واستثناء يتم التعاقد بالنيابة وذلك في حالات محددة، وتجب الإشارة إلى أن مصطلح النيابة قد ينصرف إلى النيابة الاتفاقية أي الوكالة والتي نظمها المشرع في الفصول من 879 إلى 942 من قانون الالتزامات والعقود والتي تعني ذلك العقد الذي يكلف بموجبه الموكل الوكيل بإجراء عمل مشروع لفائدته ولحسابه أي حلول إرادة الوكيل محل إرادة الأصيل في إنشاء تصرفات قانونية، وقد ينصرف إلى النيابة القانونية أي الشرعية التي نظمها المشرع في مدونة الأسرة والتي حددت المادة 229 من المدونة حالاتها وهي إما ولاية أو وصاية أو تقديم.

Abstract

The basis for concluding contracts is full capacity, because the general principle is to contract individually, with the exception of contracting by proxy in specific cases. It must be noted that the term proxy may refer to the convention proxy, which is regulated by the legislator in articles 879 to 942 of the Code of Obligations and Contracts, which means the contract under which the principal commissions the agent to perform a legitimate act for his own benefit and account. This is the contract whereby the principal instructs the agent to perform a legitimate act for his benefit and account, the substitution of the agent’s will for that of the principal in the creation of legal acts, or it may refer to the legal vicarage, which is regulated by the legislator in the Family Code and whose cases are defined in Article 229 of the Code as either guardianship, trusteeship, or provision.

مقدمة

إن الإنسان من أجل قضاء حوائجه يحتاج دائما إلى الإقدام على إبرام تصرفات، ويقصد بالتصرف القانوني اتجاه الإرادة إلى إحداث آثر قانوني، سواء كان هذا الآثر هو إنشاء حق أو نقله أو إنهاءه.

والأصل في إبرام العقود تمام الأهلية، لأن المبدأ العام هو التعاقد أصالة، واستثناء يتم التعاقد بالنيابة وذلك في حالات محددة، وتجب الإشارة إلى أن مصطلح النيابة قد ينصرف إلى النيابة الاتفاقية أي الوكالة والتي نظمها المشرع في الفصول من 879 إلى 942 من قانون الالتزامات والعقود والتي تعني ذلك العقد الذي يكلف بموجبه الموكل الوكيل بإجراء عمل مشروع لفائدته ولحسابه أي حلول إرادة الوكيل محل إرادة الأصيل في إنشاء تصرفات قانونية، وقد ينصرف إلى النيابة القانونية أي الشرعية التي نظمها المشرع في مدونة الأسرة والتي حددت المادة 229 من المدونة حالاتها وهي إما ولاية أو وصاية أو تقديم.

ويقصد بالولاية تدبير شؤون القاصر الشخصية والمالية، وهي نوعان: ولاية على النفس وتشمل الإشراف على شؤون القاصر الشخصية من تأديب وتعليم وتطبيب، وتزويج، وتشغيل ونحو ذلك، وولاية على المال وهي الإشراف على شؤون القاصر المالية من حفظ، واستثمار، وتصرفات في ماله، كالرهن والبيع ونحوهما.

أما الوصاية فمعناها أن يوصي الأب أو الأم لشخص بأن يقوم بشؤون أبنائه القاصرين وحفظ حقوقهم بعد الوفاة.

أما التقديم فمعناه تنصيب المحكمة شخصا للإشراف على شؤون القاصر وتدبيرها.

وعليه، فإن ما يهمني في هذا الصدد هو النيابة الشرعية التي سأتخذها محل للدراسة والتحليل في هذا المقال من خلال تسليط الضوء على الرقابة القضائية بمختلف حالاتها على التصرفات التي تجرى على الأموال العقارية للقاصر على اعتبار أن القاضي بموجب الفصلين 117 من دستور المملكة يتولى حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم، وتطبيق القانون. إلى جانب إيضاح مكامن القصور التشريعي الذي يطال النص القانوني والإجراء المسطري المتعلق بتفويت أموال القاصر وسبل تجاوزه قصد تحقيق مصلحته الفضلى.

إن موضوع مقالي الموسوم بعنوان: الرقابة القضائية على التصرف في الأموال العقارية للقاصر بين قصور النص القانوني وآفاق التعديل”، قدرت أنه جدير بالبحث حقيق بالدرس نظرا لأهميته العلمية والعملية والتي لا شك أنها تعن بلسان الحال قبل لسان المقال على أمل أن يحمل هذا المقال في جوهره معنى يستفاد أو علم يستزاد. ولم أشأ أن أعمد إلى أسلوب الالتباس المقصود أو البناء عند اختيار الموضوع، أي المتعدد القراءات والحمال لعدة أوجه مقصودة، بل اخترت العنوان الواضح الذي يدل على معناه بأدنى نظر وأيسر سبيل.

وعليه وانطلاقا مما تم بسطه سالفا، فإن مسألة التصرف في الأموال العقارية للقاصر تشهد مجموعة من الاختلالات القانونية التي يعرفها النص القانوني التي تتجسد بالأساس في ازدواجية النص القانوني الواجب التطبيق وقصوره عن تحقيق المصلحة الفضلى للقاصر، واختلالات عملية واقعية تجعل من رقابة القضاء محدودة والتي تستدعي تدخل تشريعي لتعديل النص القانوني حتى يتلاءم و يواكب التطور الاجتماعي الحداثي الراهن.

بناء على ما سبق ذكره آنفا سأعمل بحول الله تعالى جاهدا على تناول موضوع مقالي هذا من زاوية تحليل النص القانوني ومقاربته من الناحية الواقعية قصد إيضاح مكامن القصور التي تتطلب التدخل التشريعي لسد الخلل الذي يعتريه، لأن تطبيق مقتضيات وأحكام مدونة الأسرة من لدن القضاء لأزيد من عشرين سنة أفرز وأبان على أن بعض مقتضيات المدونة لا تستجيب لحاجيات المجتمع الحالية ولا تحقق الغرض المرجو من صياغتها وسنها سيما تلك المواد المتعلقة بالتصرف في أموال القاصر والتي يترتب عنها جملة من الإشكالات ذات البعدين الواقعي والقانوني ناهيك عن الفصول الموجودة بقانون المسطرة المدنية ذات الصلة بالموضوع التي تستوجب إعادة النظر فيها وتعديلها بشكل يتوافق مع الواقع العملي، ولمعالجة ما سبق ذكره يفترض أن نطرح الإشكالية المحورية التالية:

المصلحة الفضلى للقاصر بين محدودية النص القانوني والتدخل القضائي أية نجاعة وأية حلول؟

إن الإشكالية التي قمت بطرحها هي بيت القصيد حيث تفرض أن أعالج جوهر الموضوع بشكل منهجي وعلمي، فالغرض المصلحة الفضلى للقاصر التي ستتم مقاربتها وربطها بنقطتين أساسيتين أولها النص القانوني ومدى نجاعته في تحقيقها وثانيهما دور القضاء في تفعيل مقتضيات النص القانوني الواجب التطبيق، ومن تم سنعرف هل جودة النص القانوني ترقى إلى تحقيق إرادة المشرع وتتغلب على ما يفرزه الواقع العملي من إشكالات أم أن هناك أزمة نص تتطلب التعديل والتغيير لتتوافق والتطور الذي يشهده المجتمع، تم معرفة حدود تدخل القضاء إزاء واقعة التصرف في الأموال العقارية للقاصر بمعنى هل التدخل القضائي يغطي عن قصور النص القانوني وبالتالي يعتبر حلا مناسبا أم العكس صحيحا.

وفي هذا المقام سأعتمد لمقاربة الإشكالية المحورية وصبر أغوارها على المنهج التحليلي قصد تحليل النص القانوني وبيان عجزه وقصوره على تحقيق إرادة المشرع التي تنصرف إلى توفير الحماية اللازمة للأفراد والجماعات على حد سواء من خلال سن قواعد قانونية ملزمة ومجردة، وذلك ما سأقوم بتوضيحه من خلال الأسئلة الفرعية التالية:

– ما أنواع الرقابة القضائية التي يمارسها القضاء على النائب الشرعي الذي أسند له تدبير الأموال العقارية للقاصر؟

– ما موجبات ومعايير التدخل القضائي للتأكد من تحقق النفع البين للقاصر؟

– أين تتجلى مكامن الخلل والقصور المرتبطة بالتنظيم التشريعي وكيف يمكن معالجتها؟

– ما أوجه التصرف التي يمكن مباشرتها على الأموال العقارية للقاصر؟

– ما الإشكالات العملية التي تتطلب تدخل المشرع لتجويد النص القانوني بما يتلاءم وتطور المجتمع؟

– ما الإجراءات المسطرية لتفويت عقارات القاصر وما أوجه الخلل التي تطالها؟

المطلب الأول: مظاهر الرقابة القضائية على صلاحيات النائب الشرعي بالتصرف في عقارات القاصر بين محدودية النص القانوني ورهان تحقيق المصلحة الفضلى

إن النيابة الشرعية إما ولاية أو وصاية أو تقديم، وبناء على هذه الحلات الثلاث ارتأيت أن أتناول في هذا المطلب الرقابة القضائية على صلاحيات الولي بين قصور النص القانوني ومتطلبات التعديل وذلك في (الفقرة الأولى)، على أن أخصص (الفقرة الثانية) لمظاهر الرقابة القضائية على صلاحيات الوصي والمقدم بالتصرف في الأموال العقارية للقاصر قانونا وواقعا.

الفقرة الأولى: الرقابة القضائية على صلاحيات الولي بين قصور النص القانوني ومتطلبات التعديل

عقدت العزم في هذه الفقرة على إبراز تجليات الرقابة القضائية على تصرفات الأب في الأموال العقارية لأبنائه القصر (أولا)، ثم (ثانيا) إيضاح تجليات الرقابة القضائية على تصرفات الأم بتفويت الأموال العقارية المملوكة للقاصر.

أولا: تجليات رقابة القضاء على تصرفات الأب في الأموال العقارية لأبنائه القصر

  1. – الرقابة القبلية على الأب بين مقتضيات قانون الالتزامات والعقود وأحكام مدونة الأسرة

إن أول ما يمكنني الإشارة إليه هي مقتضيات الفصل 11 من ق ل ع والمادة 240 من مدونة الأسرة، على اعتبار أن الفصل 11 جعل قيام الأب بأعمال التصرف في أموال أبنائه القصر يتوقف على حصوله على إذن خاص من القاضي المكلف بشؤون القاصرين متى كانت تستدعي حالة الضرورة أو حالة النفع البين لناقص الأهلية ذلك، في حين نجد مطلع المادة 240 تقضي بأن الولي لا يخضع لرقابة القضاء القبلية.

السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو هل هناك تعارض أم توافق بين أحكام الفصل 11 من ق ل ع ومقتضيات المادة 240 من مدونة الأسرة؟

جوابا على السؤال أعلاه، فالأمر لا يرقى إلى القول بتعارض إرادة المشرع بين قانون الالتزامات والعقود ومدونة الأسرة، لماذا لأن ظهير الالتزامات والعقود عمر تقريبا 100 سنة منذ 1913 وآنذاك كان يواكب رهانات العصر ويعالج الإختلالات التي كانت تعرفها مسألة تدبير أموال القاصر وغرض المشرع ليس تعقيدها حينما اشترط ضرورة خضوع الأب للرقابة القضائية القبلية وإنما حماية مصلحة القاصر، أما نص المادة 240 فهو نص واكب التطور الحداثي الاجتماعي مراعيا في ذلك المشرع عند صياغته القواعد الأخلاقية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن القانون الواجب التطبيق هو النص الخاص أي المادة 240 من مدونة الأسرة على اعتبار أن النص الخاص يقيد النص العام.

وهنا لنا أن نتساءل عما يلي: ما الغاية من استثناء الولي من الرقابة القضائية القبلية عند تدبير وإدارة أموال أبنائه القاصرون؟

إن الغاية من استثناء الولي من الرقابة القضائية القبلية يرجع بالأساس إلى أبعاد وثوابت أخلاقية واجتماعية بالدرجة الأولى، تفترض في الأب حسن النية في تدبير وتنمية أموال أبنائه القصر، ومن جهة أخرى أن الولاية على القاصرون ماهي إلا تدبير إجرائي مؤقت ينتهي ببلوغ القاصر سن الرشد، فيتولى إدارة أمواله بنفسه، غير أن هذا لا يعني أن الأب معفي من الرقابة القضائية المصاحبة والرقابة القضائية البعدية.

علاوة على ذلك فإن الفقه الإسلامي يعتبر الولاية على القاصر نوعان:

– نوع يقدم فيه الأب على الأم وهي ولاية النكاح والمال؛

– نوع تقدم فيه الأم على الأب وهي ولاية الحضانة والرضاع.

  1. – تجليات الرقابة المصاحبة على الأب في ضوء أحكام مدونة الأسرة

تتجسد الرقابة القضائية المصاحبة من خلال فتح ملف النيابة الشرعية، وبالرجوع للمادة 240 من مدونة الأسرة نجدها تتضمن مسألة متى يتم فتح ملف النيابة الشرعية لإدارة أموال المحجور، بحيث يتم فتح هذا الملف كلما تجاوزت قيمتها 200 ألف درهم.

ولنفترض أن الأب لم يطلب فتح ملف النيابة الشرعية وقام ببيع عقار في ملك ابنه القاصر.

– السؤال الذي يتعين طرحه في هذا الصدد هو هل وضع المشرع معيارا معينا من خلاله يتمكن القاضي المكلف بشؤون القاصرين من معرفة أن هناك أموال عقارية للقاصر تم تفويتها من قبل الولي؟

جوابا على السؤال أعلاه، ليس هناك معيار محدد سيعرف من خلاله القاضي أن هناك عقارات يملكها قاصر ويتم التصرف فيها بالبيع أو المعاوضة أو الرهن من قبل أبيه، وبالتالي يبقى نص المادة 240 من مدونة الأسرة جامدا ما لم يصرح الولي بذلك ويبادر إلى طلب فتح ملف النيابة الشرعية من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين، ومن تم فتح المجال لهذا الأخير ببسط رقابته المصاحبة على الولي طيلة مدة السنة.

وعليه يبقى المدخل الوحيد لمعرفة القاضي ما إذا كانت هناك أموالا عقارية مملوكة للقاصر يتم التصرف فيها من طرف أبيه رهين بتقديم هذا الأخير طلب فتح ملف النيابة الشرعية.

ولنفترض جدلا أن الأب يتولى تدبير أموال ابنه العقارية بحسن نية كيف سيعرف هذا الأب أن قيمة الأموال العقارية لإبنه القاصر تجاوزت 200 ألف درهم؟

جوابا على السؤال أعلاه، رب قائل يقول أنه بإمكان الولي الاسترشاد برأي أهل الاختصاص من خلال اعتماد الخبرة التي ستحدد لا محالة القيمة الحقيقية للعقارات المملوكة للمحجور، وبالتالي سيعرف الأب حينئذ ما إذا كانت هناك ضرورة لطلب فتح ملف النيابة الشرعية أم لا.

غير أنه لنا أن نتساءل أيضا عما إذا كانت للأب مصلحة ونفعا بينا في اعتماده الخبرة لتقييم عقارات ابنه القاصر أم لا؟، أعتقد جازما أنه على مستوى الواقع العملي ليس هناك من يرغب في التقدم بطلب فتح ملف النيابة الشرعية وبالتالي تحمل مسؤولية إعداد تقريرا مفصل عن تدبير والتصرف في أموال القاصر وتقديمه للقاضي المكلف بشؤون القاصرين.

كذلك هناك سؤال يجب علينا طرحه مفاده هل من نص قانوني يلزم الولي تحت طائلة الجزاء بضرورة فتح ملف النيابة الشرعية في الحالة التي تتجاوز فيها قيمة أموال القاصر 200 ألف درهم؟

ليس هناك نص قانوني يلزم الأب بطلب فتح ملف النيابة الشرعية. وهنا يجب على المشرع أن يتدخل ليحافظ على مصلحة القاصر وصون أمواله.

وهذا يدفعنا أيضا إلى طرح التساؤل التالي: في حالة تجاوزت ذمة القاصر 200 الف درهم مع وجود أكثر من قاصر تحت نفس الولاية، هل يجب فتح ملف النيابة الشرعية لكل قاصر على حدة أم يجب فقط أن تتجاوز قيمة الأموال العقارية المملوكة للقاصرين معا المبلغ القيمي المحدد في المادة 240؟

المشرع لم يشر إلى هذه المسألة في المادة 240 من المدونة لأن المشرع استعمل عبارة ” إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم”، وهذا يدل على أن المبلغ القيمي المحدد يقتصر على قيمة الأموال العقارية المملوكة له دون أن تتعداه إلى ما يملكه سواه.

وبقي أن نناقش سؤال مفاده هل الموثق الذي يحرر عقود تفويت عقارات القاصر أن يطلب من الأب الإدلاء بما يفيد أن التصرف الذي قام به لا يدخل في نطاق أحكام المادة 240 من المدونة؟

جوابا على السؤال أعلاه يمكن للموثق حتى يستبعد إثارة مسؤوليته أن يشترط تقديم نسخة من طلب فتح النيابة الشرعة أو شهادة تفيد أن التصرف المراد إبرامه لا يستوجب فتح ملف النيابة الشرعية.

وتجدر الإشارة إلى أنه ليس هناك ما يمنع القاضي من النزول عن المبلغ القيمي المحدد في 200 ألف درهم متى تبين له أن ذلك يعود بالنفع على القاصر.

  1. الرقابة البعدية على الأب في ضوء مقتضيات مدونة الأسرة

تتجلى الرقابة القضائية البعدية على الأب من خلال بسط القاضي المكلف بشؤون القاصرين رقابته عن طريق تمحيصه واطلاعه على التقرير السنوي الذي يدلي به الأب بين يدي القاضي والذي يضمن فيه كل ما يبين ويوضح كيفية إدارة أموال القاصر وتنميتها والعناية بها طيلة السنة، وبيان هل تم فعلا تنميتها وكيف تم ذلك هل باستثمارها أم رهنها أم تأجيرها أم بيعها وإعادة توظيف الأموال المتحصل عليها أم تقديمها كحصة في شركة إلخ…

ثانيا: تجليات الرقابة القضائية على تصرفات الأم بالتفويت في الأموال العقارية المملوكة للقاصر

  1. الرقابة القبلية على الأم بين النص القانوني والواقع العملي

إن ما يسري على الأب بشأن الرقابة القبلية يسري على الأم من حيث المبدأ، بحيث هي الأخرى لا تخضع للرقابة القضائية القبلية فيما يتعلق بالتصرف في الأموال العقارية لأبنائها القصر وذلك ما أكدته المادة 240 من مدونة الأسرة.

غير أن تدبير الأم لأموال أبنائها القاصرون والتصرف فيها يخضع لشروط فرضها المشرع، لأن الأصل في تولي إدارة وتفويت الأموال العقارية للمحجور أسند للأب الراشد بموجب نص المادتين 231 و238 من المدونة، واستثناء تتولى الأم الولاية على أولادها إذا تحققت الشروط التالية:

– وفاة الأب الراشد

– فقدان الأب الراشد أهليته

– تغيب الأب الراشد وانقطاع خبر حياته أو مماته

– تجريد الأب الراشد من الولاية بحكم قضائي

نضيف إلى ما سبق حالة عجزه أو الحجر عليه

إذن وبطريقة الاستخلاص العكسي فيمكن أن تخضع الأم للرقابة القضائية القبلية وذلك من خلال التحقق من توافر الشروط المطلوبة للتصرف في الأموال العقارية للأبناء القصر من طرف أمهم، أيضا تتجلى الرقابة القبلية عند طلبها استصدار حكما بتمويت زوجها الذي انقطع خبر حياته أو وفاته قصد توليتها تدبير وتفويت وتنمية أموال أبنائها.

ولكن من يباشر الولاية على الأبناء في حالة وفاة الأب وكانت الأم نفسها قاصر؟

بالرجوع إلى أحكام المادة 238 من المدونة نجدها تشترط أن تكون الأم راشدة لتوليتها شؤون أولادها القصر، وبطريقة الاستخلاص العكسي فلا يمكن للأم القاصر أن تتولى إدارة أموال أولادها القصر، غير أننا باستقراء الفقرة الأخيرة من المادة 238 من المدونة نجدها منحت الأم مكنة تعيين وصي على ابنها القاصر.

ويمكنني القول أيضا أن الإشكال العويص الذي يبين قصور النص القانوني هو حالة انتهاء العلاقة الزوجية، وعليه يمكننا طرح التساؤل التالي:

إذا تم حل ميثاق الرابطة الزوجية فهل تبقى الولاية للأب بالرغم من أن الحضانة بيد الأم؟

فبخصوص هذه النقطة لم ينظمها المشرع وحقيقة فهي تنتج عنها إشكالات عويصة من بينها أن الولاية تبقى بيد الأب والحضانة تبقى بيد الأم وهذه لأخيرة تحتاج إلى القيام بشؤون أولادها إلا أنها تجد نفسها محاصرة ومقيدة بضرورة الحصول على إذن الأب الذي غالبا ما تجده يمتنع عن أداء مستحقات النفقة.

ومن بين المشاكل التي تثار على مستوى الواقع العملي هي الحالة التي يكون فيها مصدر أموال القاصر وصية واجبة من طرف جدهم أو جدتهم لأمهم، وينفرد الأب باستغلالها وتفويتها وتبديدها بلا رقيب ولا حسيب، فتجد الأب لا ينفق على أبناءه القصر ويتصرف في أموالهم.

وعليه فإن المشرع في التعديلات المرتقب إدخالها على مدونة الأسرة يجب عليه أن يأخذ هذه المسألة بعين الإعتبار وأن يسند الولاية لمن أسندت له الحضانة أي أن يمنح الولاية على القاصر للحاضن لأن ما فيه مصلحة لحماية القاصر فيه حماية لأمواله العقارية وبذلك يجب تعديل المواد التالية:

الفقرة الثانية من المادة 163 من المدونة كما يلي:” على الحاضن، … وأمواله المنقولة أو العقارية إن وجدت، …”

المادة 164 من المدونة على النحو الآتي:” الحضانة من واجبات الأبوين، مادامت علاقة الزوجية قائمة.

فإن تم حل ميثاق الزوجية تنتقل الحضانة للأم بقوة القانون ويمكنها تولية تدبير أموال أبنائها القصر وتنميتها دون الحاجة إلى إذن الأب، مالم يقم مانع من ذلك”.

المادة 240 من نفس المدونة على النحو الآتي:” لا يجوز للولي إدارة أموال المحجور إلا بعد إخبار القاضي المكلف بشؤون القاصرين بذلك، ولا يفتح ملف النيابة الشرعية بالنسبة له إلا إذا تعدت قيمة أموال المحجور مائتي ألف درهم.

وللقاضي المكلف بشؤون القاصرين النزول عن هذا الحد على ألا يقل عن مائة ألف درهم إذا ثبتت مصلحة المحجور في ذلك.”

  1. الرقابة المصاحبة على الأم وفق أحكام مدونة الأسرة

تختلف الرقابة القضائية المصاحبة على التصرفات التي تجريها الأم المتعلقة بأموال أبنائها القصر باختلاف طبيعة مصدرها.

حيث إن الرقابة القضائية المصاحبة على تصرفات الأم في أموال أبنائها القصر يكون مصدرها إما وصي الأب الذي تقتصر مهمته على تتبع تسيير الأم لشؤون الموصى عليه ورفع تقرير عن ذلك إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين كلما استدعت الضرورة ذلك، وإما يكون مصدرها طلب فتح ملف النيابة الشرعية من طرف الأم الراشدة كلما تعدت قيمة الأموال العقارية المملوكة لإبنها القاصر 200 ألف درهما.

  1. الرقابة البعدية على الأم طبقا لمقتضيات مدونة الأسرة

تجد الرقابة القضائية البعدية على تصرفات الأم في عقارات أبنائها القصر بالتفويت سندها في نص المادتين 242 و243 من المدونة، بحيث تنص المادة 242 على أنه ” يجب على الولي عند انتهاء مهمته في حالة وجود ملف النيابة الشرعية، إشعار القاضي المكلف بشؤون القاصرين بوضعية ومصير أموال المحجور في تقرير مفصل للمصادقة عليه”.

في حين قضت المادة 243 أنه ” في جميع الأحوال التي يفتح فيها ملف النيابة الشرعية يقدم الولي تقريرا سنويا عن كيفية إدارته لأموال المحجور وتنميتها وعن العناية بتوجيهه وتكوينه.

للمحكمة بعد تقديم هذا التقرير اتخاذ كل الإجراءات التي تراها ملائمة للمحافظة على أموال المحجور ومصالحه المادية والمعنوية”.

الفقرة الثانية: مظاهر الرقابة القضائية على صلاحيات الوصي والمقدم بالتصرف في الأموال العقارية للمحجور قانونا وواقعا

أولا: الرقابة القبلية على تصرفات الوصي أو المقدم

تظهر الرقابة القضائية القبلية على التصرفات التي يجريها كل من الوصي أو المقدم على عقارات القاصر من خلال نص المادتين 245 و247 بحيث أن المحكمة قبل تعيينها للمقدم الذي تم ترشيحه من طرف أعضاء أسرة المحجور تقوم بإجراء بحث حوله من خلال إحالة الملف على الفور إلى النيابة العامة لإبداء رأيها داخل أجل 15 يوما، بعد ذلك تبت في الطلب داخل أجل 15 يوما من تاريخ توصلها برأي النيابة العامة.

بالإضافة إلى ذلك فالمحكمة تضطلع على السجل العدلي للوصي أو المقدم لأنه لا يجوز أن يكون الوصي أو المقدم مدانا بجريمة السرقة أو التزوير أو خيانة الأمانة، أو محكوما عليه بالإفلاس، أو كان بينه وبين المحجور نزاع قضائي أو خلاف عائلي يضر بالمصلحة الفضلى للقاصر.

كذلك من تجليات الرقابة القبيلة على الوصي أو المقدم ما نصت عليه المادة 271 من مدونة الأسرة، حيث جعل المشرع تصرفات الوصي أو المقدم يتوقف إجراؤها على الحصول على الإذن الممنوح من لدن القاضي المكلف بشؤون القاصرين وهذه التصرفات التي تستوجب الحصول على الإذن المسبق هي كتالي:”

– بيع عقار للمحجور تتجاوز قيمته 10.000 درهم، أو ترتيب حق عيني عليه؛

– المساهمة بجزء من مال المحجور في شركة مدنية أو تجارية أو استثماره في تجارة أو مضاربة؛

– تنازل عن حق أو دعوى أو إجراء الصلح أو قبول التحكيم بشأنهما؛

– عقود الكراء التي يمكن أن يمتد مفعولها إلى ما بعد انتهاء الحجر،

– قبول أو رفض التبرعات المثقلة بحقوق أو شروط؛

– أداء ديون لم يصدر بها حكم قابل للتنفيذ؛

– الإنفاق على من تجب نفقته على المحجور ما لم تكن النفقة مقررة بحكم قابل للتنفيذ”.

ثانيا: الرقابة المصاحبة على تصرفات الوصي أو المقدم

إن الرقابة القضائية المصاحبة على تصرفات الوصي أو المقدم في عقارات القاصر بالتفويت تجد أساسها في المادة 248 التي تنص على أنه ” للمحكمة أن تجعل على الوصي أو المقدم مشرفا مهمته مراقبة تصرفاته وإرشاده لما فيه مصلحة المحجور، وتبليغ المحكمة ما قد يراه من تقصير أ يخشاه من إتلاف في مال المحجور”، بالإضافة إلى المادة 253 التي قضت بما يلي: ” على الوصي أو المقدم أن يسجل في كناش التصرف الشهري كل التصرفات التي يقوم بها باسم محجوره مع تاريخها”.

كذلك المادة 256 التي جاء فيها ” على الوصي أو المقدم الاستجابة لطلب القاضي المكلف بشؤون القاصرين في أي وقت للإدلاء بإيضاحات عن إدارة أموال المحجور أو تقديم حساب حولها”.

يتضح من خلال مضمون المواد المومأ إليها أعلاه أن لا إشكال فيها طالما أنها ذا فعالية في تحقيق المصلحة الفضلى للقاصر من خلال تمكين المحكمة من بسط رقابتها المصاحبة على تصرفات الوصي أو المقدم في الأموال العقارية التي تعود ملكيتها للمحجور، وذلك من خلال تعيينها مشرفا مهمته مراقبة تصرفات الوصي أو المقدم في أموال القاصر، وكلما وقع انحراف أو سوء تدبير من قبل الوصي أو المقدم يقدم المشرف على إخبار المحكمة بذلك لتتخذ الإجراء المناسب في حق الحاجر وصيا كان أو مقدما.

ثالثا: الرقابة البعدية على تصرفات الوصي أو المقدم

حسب منطوق المادة 255 من المدونة يجب على الوصي أو المقدم أن يقدم إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين حسابا سنويا مؤيدا بجميع المستندات، على يد محاسبين يعينهما القاضي، ولا تتم المصادقة على هذه الحسابات إلا بعد القيام بفحصها ومراقبتها والتأكد من سلامتها، وإذا تبين بعد ذلك أن هناك خلال في الحسابات يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية المصلحة الفضلى للقاصر.

وتظهر الرقابة البعدية أيضا من خلال نص المادة 259 الذي تضمن ما يلي: ” إذا انتهت مهمة الوصي أو المقدم بغير وفاته أو فقدانه أهليته المدنية، وجب عليه تقديم الحساب مرفقا بالمستندات اللازمة، داخل مدة يحددها القاضي المكلف بشؤون القاصرين، دون أن تتجاوز ثلاثين يوما إلا لعذر قاهر”.

ووفقا لمقتضيات المادة 260 ” يتحمل الوصي أو المقدم مسؤولية الأضرار التي يتسبب فيها كل تأخير غير مبرر عن تقديم الحساب أو تسليم الأموال”.

كما يسأل أيضا الوصي أو المقدم عن الاخلال بالتزاماته في إدارة شؤون القاصر مع إمكانية مساءلته جنائيا إن قضت الضرورة ذلك.

إذن من خلال النصوص أعلاه تظهر غاية المشرع في الحفاظ على المصلحة الفضلى للقاصر، وبالتالي فهذه النصوص قيدت من سلطات الوصي والمقدم في مقابل منح سلطات واسعة للقاضي المكلف بشؤون القاصرين من خلال بسط رقابته البعدية على تصرفات الوصي أو المقدم في الأموال العقارية المملوكة للقاصر.

المطلب الثاني: الرقابة القضائية على مسطرة تفويت عقارات القاصر بين غاية تحقيق مصلحته الفضلى والواقع العملي

إن القاضي قبل أن يمنح الإذن ببيع عقار القاصر أو كراءه أو رهنه أو المساهمة به كحصة في شركة مدنية كانت أو تجارية أو استثماره في تجارة يتعين عليه أن يتأكد من تحقق النفع البين للقاصر من ذلك وأن في ذلك مصلحة له (الفقرة الأولى)، وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض القصور الذي يرتبط بالنص القانوني المنظم للتصرف بالبيع في الأموال العقارية للقاصر بين الإجراء المسطري والإشكال القانوني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور القاضي في التحقق من قيام شروط منح الإذن ببيع عقار القاصر

إن القاضي المكلف بشؤون القاصرين لا يمنح الإذن ببيع عقارات القاصر إلا بعد أن يثبت النائب الشرعي ضرورة بيعه للعقار المملوك للقاصر وأن هذا العقار أولى بالبيع من غيره لما فيه من مصلحة للقاصر وذلك حسب الفصل 207 من قانون المسطرة المدنية.

وحسب الفصل 208 من ق م م يتعين على النائب الشرعي الذي يرغب في الحصول على الإذن ببيع عقار أو عقارات القاصر أن يتقدم بمقال مرفق بالوثائق الضرورية إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين يرمي من خلاله الطالب إلى إثبات جميع البيانات المتعلقة بالوضعية المادية للعقار كبيان موقع وحدوده وأوصافه وما له أو عليه من حقوق وعقود أكرية، وبيان وضعيته القانونية.

بعد ذلك يتم تحرير محضر يضمن فيه البيانات التي أدلى بها الحاجر، ويقيد في أسفل المحضر الأمر الذي أصدره القاضي سواء بمنح الإذن بالبيع أو برفض الاستجابة إلى الطلب.

وفي حالة تبين للقاضي المكلف بشؤون القاصرين عدم كفاية الحجج أو عدم جدية الحاجر يقضي برفض منحه الإذن ببيع عقار القاصر، والمشرع منح الحاجر أحقية الطعن في الأمر الصادر عن القاضي بالرفض وفق طرق الطعن العادية مع إمكانية استئنافه داخل أجل 10 أيام.

الفقرة الثانية: التصرف بالبيع في الأموال العقارية للقاصر بين الإجراء المسطري والإشكال القانوني

إن ما يجب التنبيه إليه هو أن التصرف بالبيع مثلا في الأموال العقارية للقاصر بالمزاد العلني ليس بيعا جبريا، لأن البيع الجبري يستند وجودا وعدما على علاقة مديونية، وهو الأمر غير القائم في حالة بيع عقار القاصر بالمزاد لأن الغاية منه هو حماية مصلحته الفضلى لذلك يخضع لإجراءات سابقة على منح الإذن القضائي بالبيع (أولا) ثم إجراءات لاحقة عن ذلك (ثانيا) ناهيك عن بعض الإشكالات المطروحة على مستوى النص المنظم.

أولا: الإجراءات السابقة لبيع عقار القاصر بالمزاد العلني

إن الحاجر عند رغبته في بيع عقار القاصر أول إجراء يقوم به هو رفع مقال إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين يرمي من خلاله الحصول على الإذن ببيع عقار القاصر مضمنا في مقاله كما سبق وأن أشرت إلى ذلك أعلاه كل ما يمكنه إثبات الضرورة الملحة لبيع عقار القاصر وبيان مصلحته الفضلى في ذلك من مستندات مثلا كتعزيز مقاله بمستندات تسجيل القاصر في مدرسة خصوصية أو تسجيله بمدرسة أجنبية خارج تراب المملكة أو إدلائه بمستندات تفيد تاريخ الوفاء بديون في ذمة القاصر أو الإدلاء بشهادة تفيد أن القاصر سيجري عملية جراحية على وجه الاستعجال إلخ…، وعند حصول الحاجر على الإذن بالبيع يلجأ إلى إجراء إعلان المزاد العلني.

وعليه فإذا توافرت في الأب شروط الولاية على المال. وانتفت موانعها، فله التصرف المطلق في أموال من تحت ولايته، بدليل قول الشيخ خليل:” وله البيع المطلق وإن لم يذكر سببه”.

أي أن الأب له أن يبيع عقار ولده المحجور لأحد الأسباب الموجبة للبيع.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع ربط مسطرة بيع عقارات القاصر من طرف نائبه الشرعي بعدة إجراءات، وذلك بهدف توفير الحماية اللازمة للمصلحة الفضلى للقاصر حيث أقرن البيع بوجود الضرورة الملحة التي تكون ثابتة بحجة شرعية، وهذه الأخيرة لا تقوم إلا بشهادة عدلية أو لفيف عدلي يحتوي دواعي ومبررات البيع، أو شهادة خبير تثبت أن مصلحة القاصر في بيع العقار ظاهرة.

ثانيا: الإجراءات اللاحقة عن صدور الإذن القضائي ببيع عقارات القاصر قانونا وواقعا

حسب مضمون الفصلين 209 و210 المشرع وضع معيارا عن طريقه تتم معرفة هل سيتم البيع بالمزاد العلني أم لا، وهذا المعيار يتجسد في المبلغ القيمي المقرر قانونا في 2000 درهما.

قبل إجراء عملية بيع عقار القاصر يتم إجراء خبرة من خلالها يتم تقدير قيمة العقار المرغوب في بيعه، فإذا كانت قيمة العقار تساوي 2000 درهما تم البيع بالمراضاة.

أما إذا تجاوزت قيمة العقار ألفي درهما يتم البيع عن طريق المزاد العلني بواسطة عون من كتابة القاضي المكلف بشؤون القاصرين الذي فتح ملف النيابة الشرعية بدائرته أو الذي يوجد العقار بدائرة نفوذه بطلب من القاضي.

حيث يقوم عون كتابة الضبط بالإشهار القانوني الذي يحدد القاضي شروطه باعتبار قيمة العقار على أن يستمر هذا الإشهار لمدة شهرين.

ويتعين أن يتضمن إعلان المزاد العلني تاريخ ومكان افتتاحه ويعلق بباب العقار وبالأسواق المجاورة وباللوحة المخصصة للإعلانات بالمحكمة الابتدائية التي يوجد العقار بدائرتها وبمكاتب السلطة الإدارية المحلية وينشر إن اقتضى الحال في صحيفة تعنى بنشر الإعلانات القانونية، وفي الجريدة الرسمية.

ثم يبلغ عون كتابة الضبط النائب الشرعي بإجراءات الإشهار التي تم القيام بها ويخطره بضرورة الحضور في اليوم المحدد لإجراء السمسرة.

ويتم إجراء السمسرة بناء على الثمن الافتتاحي المحدد من طرف الخبير ويتم وفقا لذلك تقديم العروض بحيث يرسو المزاد على من قدم العرض الأعلى ويتعين أن يؤدى الثمن زائد صوائر إجراءات السمسرة داخل أجل 3 أيام من تاريخ رسو المزاد.

وإذا لم يقم من رسا عليه المزاد بتنفيذ شروط السمسرة يتم إنذاره بوجوب تنفيذها فإن لم يستجب داخل أجل 8 أيام، يتم بيع العقار من جديد ولا يحق للمشتري المتخلف أن يسترجع العربون الذي دفعه مسبقا، مع تحمله أداء الفرق بين الثمن الذي رسا به عليه المزاد وثمن البيع الثاني دون أن يكون له الحق في المطالبة بما قد ينتج من زيادة.

وبالنسبة لوثيقة البيع لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور.

وبخصوص المبلغ القيمي الوارد بالفصل 209 من قانون المسطرة المدنية، فأعتقد جازما أنه حاليا ليس هناك عقارا تساوي قيمته ألفي درهما، بل إن ثمن المتر الواحد يساوي ألفي درهما كحد أدنى في بعض القرى أما في الحواضر فقيمة المتر الواحد تفوق عشرة ألاف درهما.

وبالتالي آن الآوان ليتدخل المشرع من خلال مشروع قانون المسطرة المدنية المرتقب وتعديل الفصل 209، والتعديل قد يشمل فرضيتين:

الفرضية الأولى: أن يرفع من المبلغ القيمي إلى 200 ألف درها.

وفي هذه الحالة يكون مطلع الفصل 209 على النحو التالي:” إذا كانت قيمة العقار المملوك للمحجور لا تتعدى بتقدير الخبير عند الضرورة (200) مائتي ألف درهما يتم البيع بالمرضاة مع تضمين ذلك بتقرير يرفع حالا إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين.

إذا تجاوزت قيمة العقار مائتي ألف درهما وقع البيع بالمزاد العلني…”

الفرضية الثانية: أن يقوم المشرع بحذف الملغ القيمي.

وفي هذه الحالة يصبح مطلع الفصل 209 على النحو التالي:” يتم بيع عقار القاصر بالمزاد العلني مهما بلغت قيمته بواسطة عون من كتابة ضبط القاضي المكلف بشؤون القاصرين الذي فتحت النيابة بدائرته أو الذي يوجد العقار بدائرة نفوذه بطلب من القاضي”.

خــــــــــاتــــــــمــــة

إن رهان تحقيق المصلحة الفضلى للقاصر من خلال إسناد مهمة تدبير أمواله العقارية لنائبه الشرعي يتطلب تدخل تشريعي على مستوى مدونة الأسرة باعتبارها نص تنظيمي وعلى مستوى قانون المسطرة المدنية باعتباره نص إجرائي، لأن الواقع العملي بين قصور النص القانوني ومحدوديته في تحقيق الغاية التشريعية، وبالتالي فقصور النص القانوني يحد أيضا من صلاحيات تدخل القاضي المكلف بشؤون القاصرين على مستوى معرفة هل هناك فعلا أموالا عقارية مملوكة للقاصر يتم التصرف فيها سرا.

حقيقة أتمنى أن يتخذ المشرع في التعديلات المرتقب إدخالها على مستوى قانون الأسرة وتلك التي ستشمل قانون المسطرة المدنية مسألة المصلحة الفضلى للقاصر بعين الاعتبار وأن يعدل النصوص المنظمة بما يتلاءم وتحقيقها واقعا وقانونا وأن يمنح القاضي المكلف بشؤون القاصرين سلطة واسعة بشأن ذلك.

لائحة المراجع

عبد الرحمان الشرقاوي، القانون المدني – دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام في ضوء تأثيرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي-، الطبعة السابعة، مطبعة الأمنية الرباط، 2022.

دليل عملي لمدونة الأسرة، وزارة العدل، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية سلسلة الشروح والدلائل، العدد 1، 2004، مطبعة فضالة.

– ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدى خير العباد، الجزء الخامس، دار الفكر الطبعة الثالثة، 2001.

– عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، دار النشر الجسور، وجدة، طبعة 2005.

– عبد الله العلاوي، الدور الحمائي لمؤسسة قاضي شؤون القاصرين بين الفعالية والمحدودية، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2010/2011.

– نسيمة شيخ، سناء شيخ، حماية أموال القاصر في القانون الجزائري، مجلة المنار للبحوث والدراسات القانونية والسياسية، العدد الأول، يونيو 2017.

– مليكة الغنام، الحماية القضائية لعقار القاصر، القواعد الموضوعية والشكلية في مساطر المنازعات العقارية، منشورات مجلة الحقوق المغربية، العدد الثاني 2011.

  • الظهائر والقوانين

– الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 ( 12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود.

– القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.22 صادر بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 ( 3 فبراير 2004).



Source link

Exit mobile version