العقوبات البديلة وفق القانون رقم 43.22 والمرسوم رقم 2.25.386 الـبـاحـث: عـبـد الـرزاق انـقـيـري

[]

العقوبات البديلة وفق القانون رقم 43.22 والمرسوم رقم 2.25.386

الطـالـب الـبـاحـث: عـبـد الـرزاق انـقـيـري

حاصل على شهادة الماستر في القانون الخاص

بكلية الحقوق عين الشق بالـدار البيضــاء

تمهيد:

يشكل اعتماد القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة مبادرة تشريعية متميزة من شأنها الإسهام في إصلاح المنظومة العقابية الوطنية وتطوير آليات الردع، وذلك بغية مواجهة مشكل الاكتظاظ السجني، وتماشيا مع المتطلبات الدولية في سياق السياسة الجنائية، وأمام قصور العقوبات السالبة للحرية في مكافحة الجريمة سيما في الجرائم قصيرة المدة، فإنه وفي إطار هذه العوامل قام المشرع المغربي بإيجاد حلول بديلة تتمثل إصدار القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة الصادر في 24 يوليوز 2024 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 22 غشت 2025، وتكمن الأهمية القصوى لبدائل العقوبات السالبة للحرية في النتائج والآثار المترتبة عنها والتي من شأنها حل إشكالية الاكتظاظ في السجون وعدم إرهاق ميزانية الدولة وكذا وقاية مرتكبي الجرائم البسيطة قصيرة المدة من عيش تجربة السجن لما تخلله من آثار نفسية واجتماعية على السجين.

وفي هذا السياق، فقد جاء في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت 2009 والذي أكد فيه جلالته على أن إصلاح العدالة يقتضي: “تحديث المنظومة القانونية، ولا سيما ما يتعلق منها بمجال الأعمال والاستثمار، وضمان شروط المحاكمة العادلة وهو ما يتطلب نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية، ومواكبتهما للتطورات، بإحداث مرصد وطني للإجرام، وذلك في تناسق تام مع مواصلة تأهيل المؤسسات الإصلاحية والسجنية. وبموازاة ذلك، يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة، كالوساطة والتحكيم والصلح، والأخذ بالعقوبات البديلة“. انتهى النطق الملكي السامي.

تجد العقوبات البديلة مرجعيتها في مجموعة من المواثيق للدولية، منها ما هو صادر عن هيئة الأمم المتحدة؛ كالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة والمتمثلة في قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث (قواعد بيكين)، قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير الاحتجازية (قواعد طوكيو)، قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم، وقواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية (قواعد بانكوك)، ومن بين ما هو صادر عن هيئة الأمم المتحدة إعلانات مؤتمرات الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية كإعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة في مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين الصادر سنة 2000، إعلان سلفادور بشأن الاستراتيجيات الشاملة لمواجهة التحديات العالمية: نظم منع الجريمة والعدالة الجنائية وتطورها في عالم متغير المنعقد سنة 2010، إعلان الدوحة بشأن إدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في جدول أعمال الأمم المتحدة الأوسع من أجل التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي ومشاركة الجمهور وإعلان كيوتو بشأن النهوض بمنع الجريمة والعدالة الجنائية وسيادة القانون: نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

ونجد أيضا المرجعيات الأوروبية والتي أوصت في عدة مناسبات بضرورة تبني عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية؛ كقرارات مجلس أوروبا المؤطرة للعقوبات البديلة والمتمثلة في القرار رقم 10 بشأن اعتماد بعض العقوبات البديلة الذي تم اعتماده من طرف لجنة الوزراء في 9 مارس 1976، القرار رقم 1938 حول بدائل العقوبات السالبة لسنة 2013، وأيضا هناك توصيات مجلس أوروبا بشأن اعتماد العقوبات البديلة والمتمثلة في التوصية رقم 16 (92) للجنة وزراء مجلس أوروبا المتعلقة بالعقوبات والتدابير المطبقة على المجتمع الأوروبي، التوصية رقم 22 (99) المتعلقة باكتظاظ السجون، التوصية رقم 4 (2014) CM/Rec حول المراقبة الإلكترونية…

إذن، فالعقوبات البديلة يقصد بها التدابير البديلة والمماثلة أو المعوضة التي يتم بفضلها استبدال العقوبة الحبسية. وقد عرفها المشرع في الفصل 35-1 من مجموعة القانون الجنائي على أنها هي العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها خمس سنوات حبسا نافذا، كما يمكن تعريفها بأنها تلك العقوبات التي يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يستبدل بها العقوبة الحبسية أو ما تبقى منها لفائدة المحكوم عليه بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به.

شهد الفكر العقابي تحولات عميقة على مر العصور، فقد كانت العقوبة تقليديا تفهم على أنها وسيلة لإلحاق الألم بالجاني وفرض الردع العام والخاص، في سياق يركز على العقاب أكثر من الإصلاح. ومع تصاعد الاهتمام بحقوق الإنسان ودراسة السلوك الإجرامي من منظور علمي، برز الفكر العقابي الجديد الذي ينقل العدالة الجنائية من مجرد التهديد بالعقاب إلى آفاق ارحب ترتكز على إعادة التأهيل والإصلاح، وجعل العقوبة فرصة لإعادة الإدماج الاجتماعي، وبهذا يصبح الموضوع من الأهمية العلمية والعملية؛ إذ يفتح المجال لدراسة العقوبة كأمل وإعادة البناء الاجتماعي، بدل الاقتصار على تصورها كألم وعقوبة صرف.

وبناء على ما سبق، فتتمثل الإشكالية الرئيسية التي سندرسها من خلال بحثنا هذا في:

إلى أي حد تستطيع العقوبات البديلة أن تحقق التوازن بين حماية المجتمع من مخاطر الجريمة وضمان إعادة إدماج المحكوم عليهم بشكل فعال داخل النسيج الاجتماعي؟

كما تتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسة عدة أسئلة سنحاول الإجابة عليها، وتتمثل في ما يلي:

أولا: أنواع العقوبات البديلة

لقد نص الفصل 35-2 على أن العقوبات البديلة تحدد في: العمل لأجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، والغرامة اليومية.

  1. العمل لأجل المنفعة العامة: يقصد بها العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ الذي صدر منه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل، وينجز لمدة تتراوح بين 40 إلى 3600 ساعة، فإذا كانت مدة العقوبة الحبسية قصيرة جدا مثلا 10 أيام فإن المدة التي يجب أن يقضيها المحكوم عليه هي 40 ساعة، وكذلك إذا كانت العقوبة الحبسية مثلا هي اربع سنوات حبسا نافذا أو أمثر فإن المدة التي سيقضيها المحكوم عليه هي 3600 ساعة. كما أضاف الفصل 35-7 بأنه يلتزم المحكوم عليه بتنفيذ عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة في أجل لا يتجاوز ستة اشهر من تاريخ صدور المقرر، وأمكن تمديد هذا الأجل لمدة مماثلة مرة واحدة بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات، بناء على طلب المحكوم عليه أو بطلب من دفاعه أو ممن له مصلحة في ذلك، وتتحمل الدولة مسؤولية الأضرار التي تسبب فيها المحكوم عليه طبقا للفصل 35-9.

ويشترط في العمل لأجل المنفعة العامة أن يكون متوافقا مع جنس وسن ومهنة أو حرفة المحكوم عليه، ومع مؤهلاته وقدراته، كما يمكن أن يكون مكملا لنشاطه المهني أو الحرفي المعتاد، وألا يكون له تأثير على المسار العادي لحياته العائلية والمهنية والدراسية.

  1. المراقبة الإلكترونية: يراد بها إلزام المحكوم عليه بالإقامة في مكان سكنه أو محل إقامته، خلال أوقات محددة عن طريق وضع جهاز إرسال على يده، يسمح لمركز المراقبة من متابعته ورصد مكانه، وقد عالج المشرع المغربي من خلال الفصل 35-10 المراقبة الإلكترونية حيث جاء في مضمون الفصل أنه يتم تحديد مكان ومدة المراقبة الإلكترونية من طرف المحكمة مراعية بذلك خطورة الجريمة والظروف الشخصية والمهنية للمحكوم عليه، وسلامة الضحايا وعدم المساس بالحقوق الشخصية للأشخاص المتواجدين رفقته.
  2. تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية: تكمن العبرة من هاته العقوبة؛ اختبار المحكوم عليه من أجل التأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج داخل المجتمع طبقا للفصل 35-11.

وأضاف الفصل 35-12 للعقوبات التي يمكن أن تحكم بها بعقوبة واحدة أو أكثر، وهي كالتالي:

كما يلتزم المحكوم عليه بتنفيذ هذه العقوبات داخل أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ صدور المقرر التنفيذي.

  1. الغرامة اليومية: هي بديل للعقوبة الحبسية، وتتمثل في مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة الحبسية المحكوم بها، وأضاف الفصل 35-14 يمكن الحكم على الأحداث بالغرامة اليومية في حالة موافقة نائبهم الشرعي أو من يمثلهم، ولا يمكن الحكم بالغرامة المالية اليومية إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود صلح او تنازل صادر عن الضحية أو ذوية…

وهذه الغرامة تؤدى لفائدة الخزينة العامة بالعملة المتداولة قانونا في المملكة، ويحدد مبلغها بين 100 و 2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها وفق الشروط والإجراءات القانونية.

ثانيا: الجهات المخولة لها صلاحية التنفيذ

لقد خص المشرع المغربي لإجراءات تنفيذ العقوبات البديلة لمؤسسة قاضي تطبيق العقوبات، وذلك من خلال جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة أو وضع حد لتنفيذها أو إصدار جميع القرارات والأوامر المتعلقة بها. وأطر المشرع المغربي لإجراءات تنفيذ العقوبات البديلة من خلال المواد من 647-1 إلى 647-22 من قانون المسطرة الجنائية.

تختص الإدارة المكلفة بالسجون، مركزيا أو محليا، أو من فوض له ذلك، بتتبع تنفيذ العقوبات البديلة وتوضع رهن إشارتها الوسائل اللازمة للقيام بذلك.

تقوم النيابة العامة بإحالة المقرر المتضمن للعقوبة البديلة بعد اكتسابه قوة الشيء المقضي به إلى قاضي تطبيق العقوبات الذي يصدر مقررا تنفيذيا بذلك، ويحيله على الإدارة المكلفة بالسجون التي تقع داخل نفوذ المحكمة التي أصدرت الحكم.

يختص قاضي تطبيق العقوبات بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة أو وضع حد لتنفيذها وإصدار جميع القرارات والأوامر المتعلقة بها، بعد التوصل بمستندات النيابة العامة، وله على وجه الخصوص ما يلي: الأمر بتنفيذ العقوبة الأصلية في حالة الامتناع عن تنفيذ العقوبات البديلة، الأمر بتمديد المدة في الحالات المنصوص عليها قانونا، النظر في التقارير المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة واتخاذ ما يراه مناسبا وإصدار مقرر يقصي بتمام تنفيذ العقوبة البديلة المحكوم بها.

يستفيد المحكوم عليه الذي ينفذ العقوبة البديلة منه رد الاعتبار القضائي بعد مرور أجل سنة من تاريخ انقضاء العقوبة.

  1. تنفيذ عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة: بالرجوع إلى المادة 647-5 من ق م ج نجدها تنص على أن النيابة العامة تحيل داخل أجل 5 أيام من تاريخ صدور حكم المحكمة القاضي بتحديد العقوبة البديلة ملف المحكوم عليه إلى قاضي تطبيق العقوبات من أجل إصدار مقرر يقضي بتنفيذ عقوبة العمل لأجل المنفعة العامة.

أما إذا كان المحكوم معتقلا، فيتم الإفراج عنه بمجرد توصل المؤسسة السجنية بمقرر قاضي تطبيق العقوبات، كما يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يأمر بعرض المحكوم عليه على خبرة طبية لفحصه، وتقديم تقرير عن حالته الصحية من أجل اختيار طبيعة العمل الذي يناسبه.

كما يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يقوم بزيارات تفقدية للمحكوم عليهم إما تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة، كما يمكن أن يكلف موظفين من كتاب الضبط أو أحد المساعدين الاجتماعيين للقيام بالزيارة، وفي حالة عدم تنفيذ أو إخلال المحكوم عليه بالالتزامات المحددة، أمكن لقاضي تطبيق العقوبات إصدار مقرر لوضع حد لهذه العقوبة، وتطبق حينها في حق المحكوم عليه العقوبة الحبسية الاصلية، وذلك بعد خصم عدد الساعات المنفذة.

  1. تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية: نصت المادة 647-11 من ق م ج على أن المراقبة الإلكترونية تتم بواسطة القيد الإلكتروني بوضع المعصم أو معصم المحكوم عليه أو ساقه أو على جزء آخر من جسده، بشكل يسمح برصد تحركاته داخل الحدود الترابية المحدد له، كما يمكن وضع الحدث تحت هذا التدبير بحضور وليه أو المقدم عليه أو وصيه أو كافله أو حاضنه أو الشخص المعهود له رعايته، كما تلتزم إدارة السجون وفقا للمادة 27 من المرسوم رقم 2-25-368 المتعلق بتحديد كيفية تطبيق العقوبات البديلة؛ برصد وتتبع حركات وتنقلات الشخص الخاضع للمراقبة الإلكترونية، كما تحرر تقارير عن تتبع وتدبير عملية المراقبة الإلكترونية وترفعها إلى قاضي تطبيق العقوبات وإلى النيابة العامة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، كما تتولى عمليات وضع وإزالة القيد الإلكتروني والمراقبة الميدانية للمحكوم عليهم بالاعتماد على منصة وطنية يتم إحداثها لدى الإدارة المكلفة بالسجون.

ووفقا للمادة 32 من المرسوم؛ فإنه يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يحدد في المقرر التنفيذي نظام المراقبة الإلكترونية الذي يجب أن يخضع له المحكوم عليه وأوقات وآجال تنفيذه، وذلك من خلال نظامين: نظام ثابت يتم عبر وضع وتثبيت الأجهزة والأدوات الخاصة به بمنزل أو بأي مكان معين حدده المقرر، وإما بنظام متحرك يتم تنفيذه عبر وضع القيد الإلكتروني على المحكوم عليه لمعرفة مكان تواجده بصفة متواصلة وتتبع تحركاته باستمرار.

يعاقب الشخص الذي أخل عمدا بالالتزامات أو قام بإتلاف الأجهزة المتحصلة في المراقبة بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 أو بإحدى هاتين العقوبتين.

  1. تنفيذ عقوبة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية: نصت المادة 647-15 من ق م ج على أن قاضي تطبيق العقوبات يأمر بإطلاق سراح المحكوم عليه بعقوبة تقييد الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية بمجرد صيرورة الحكم الصادر في حقه مكتسبا لقوة الشيء المقضي به، ويلتزم المحكوم عليه بالمثول أمام قاضي تطبيق العقوبات داخل أجل أقصاه أسبوع، من تاريخ تبليغه للمقرر النهائي الصادر في حقه أو من تاريخ الإفراج عنه.

كما يلتزم المحكوم عليه بالإدلاء للإدارة المكلفة بما يفيد تنفيذه أو استمراره في تنفيذ التدابير الرقابية أو العلاجية أو التأهيلية المحكوم بما عليه.

وفي حالة رصد إخلال المحكوم عليه بتنفيذ عقوبة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية أو بالالتزامات المحددة له من قبل قاضي تطبيق العقوبات، يصدر هذا الأخير أمرا بتطبيق المحكوم عليه للعقوبة الحبسية الأصلية الصادرة في حقه.

  1. تنفيذ عقوبة الغرامة المالية: لقد نصت المادة 647-18 من ق م ج على أن مبلغ الغرامة اليومية يؤدي دفعه واحدة، غير أنه يمكن لقاضي تطبيق العقوبات أن يأذن بتقسيط أدائها داخل الآجال المحددة في الفصل 35-15 من نفس القانون، ولا تحسب مدة القبض التي قضاها المحكوم عليه عند تحديد مبلغ الغرامة المالية اليومية الواجب أداؤها.

وفي حالة الإخلال بالتنفيذ يصدر قاضي تطبيق العقوبات مقررا بتطبيق المحكوم عليه للعقوبة الحبسية الأصلية الصادرة في حقه والتي خصم منها عدد الأيام التي أدى غرامتها.

ووجب في الأخير الإشارة على أن المحكوم عليه الذي ينفذ العقوبة البديلة يستفيد من رد الاعتبار القضائي بعد مرور سنة من تاريخ تنفيذها، أما في ما يتعلق برد الاعتبار القانوني فيستفيد منه المحكوم عليه، وذلك بعد انتهاء فترة الاختبار مدتها سنتان، تحتسب من تاريخ تنفيذ العقوبة البديلة.

ثالثا: شروط اعتماد العقوبات البديلة

حدد الفصل 35-1 من مجموعة القانون الجنائي الشروط الواجب تحققها قبل الحكم بالعقوبة البديلة، الأمر الذي يقتضي من السلطات القضائية التي خولها القانون صلاحية اعتماد العقوبات البديلة التحقق منها بصفة مسبقة قبل إقرارها، كما أن ممثل النيابة العامة الذي يحضر جلسات الحكم يسهر بدوره على احترام الشروط القانونية، ولهذه الغاية يقدم الملتمسات الضرورية أو يمارس الطعون اللازمة لتصحيح أي تطبيق غير قانوني للشروط التي وضعها القانون رقم 43.22 والتي تتلخص فيها يلي:

  1. ألا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجل جنحة خمس سنوات حبسا نافذا: إن العبرة بمنطوق الحكم الصادر عن المحكمة التي لها صلاحية البت في المتابعات المتعلقة بالجنح وليس بالعقوبة المقررة في القانون، كما يتعين المزاوجة بين شرطين أساسيين والمتمثلين في تعلق الأمر بجنحة ثم أن تصدر عقوبة حبسية نافذة؛ وتبعا لذلك فلا يحق لغرفة الجنايات أن تقضي بالعقوبة البديلة في الجنايات ولو منحت المتهم ظروف التخفيف وقضت بعقوبة حبسية.
  2. انتفاء حالة العود: نظم المشرع حالة العود بمقتضى الفصول من 154 إلى 160 من مجموعة القانون الجنائي، حيث ينتج عن حالة العود الرفع من العقوبة تطبيقا للفصل 157 من مجموعة القانون الجنائي كما أنه يعد مانعا من موانع الحكم بالعقوبة البديلة.

ويتعين لتحقق حالة العود كمانع قانوني من الحكم بالعقوبة البديلة أن تكون النيابة العامة قد أوردتها في صك المتابعة عند إقامتها للدعوى العمومية وأن تكون المحكمة قد أدانت المتهم مع اعتبار حالة العود وفق ما يقتضيه القانون، لذلك يتعين على قاضي النيابة العامة التثبت من توفر حالة العود قبل إجراء المتابعة بموجب البطاقة رقم 2 للسجل التي تعتبر نسخة للنص الكامل لمختلف البطائق رقم 1 المتعلقة بالشخص الواحد، كما يمكن إثبات حالة العود من خلال الإدلاء بنسخ من المقررات القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به.

رابعا: الجرائم المستثناة من تطبيق العقوبات البديلة

إلى جانب الجنايات التي تعتبر مستثناة بكل أنواعها من نطاق تطبيق العقوبات البديلة، استثنى المشرع في القانون رقم 43.22 بعض الجنح من هذا النطاق وفق ما حدده الفصل 35.3 من مجموعة القانون الجنائي، وهي على الشكل التالي:

  1. الجرائم المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب: وهي مجموع الجنح المنصوص عليها في الفصول من 163 إلى 218-9 من مجموعة القانون الجنائي.
  2. الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية: وهي مجموع الجنح التي تدخل في زمرة الجرائم المالية المنصوص عليها في الفصول من 241 إلى 256-2 من مجموعة القانون الجنائي.
  3. غسل الأموال: وهي مجموع الجنح المنصوص عليها في الفصول من 574-1 إلى 574-7 من مجموعة القانون الجنائي.
  4. الجرائم العسكرية: زهي الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 108.13 المتعلق بالقضاء العسكري.
  5. الاتجار الدولي في المخدرات.
  6. الاتجار في المؤثرات العقلية.
  7. الاتجار في الأعضاء البشرية.
  8. الاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.

خامسا: ما الذي يتعين على النيابة العامة القيام به؟

وتجدر الإشارة إلى أن التمييز بين ثلاث حالات:

  1. إذا كان الملف ما زال في طور الجرد، فإنه يتعين ضم الطلب إليه، مع الإشارة إلى ذلك في وثيقة الجرد وتوجيه الملف برمته إلى الوكيل العام للملك لدة محكمة الاستئناف لإحالته على قضاء الموضوع فورا لإدراجه بالجلسة؛
  2. إذا كان الملف مدرجا بمحكمة الاستئناف ولم يصدر بشأنه قرار، يتعين توجيه الطلب المقدم بواسطة ورقة الإرسال بكل استعجال إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف لتقديم ملتمس في الموضوع فور انعقاد الجلسة؛
  3. في حالة صدور قرار استئنافي أصبح حائزا لقوة الأمر المقضي به، يتعين تطبيق مقتضيات المادة 647-22 من قانون المسطرة الجنائية وإحالة الملتمس على قاضي تطبيق العقوبات.

سادسا: خصوصية العقوبات البديلة فيما يخص الطعن

وسعيا إلى تحقيق لأهداف المذكورة يجب على النيابات العامة عند الطعن في الحكم أو القرار القاضي بعقوبة بديلة، التقيد بما يلي:

خاتمة:

يعد القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة من أهم المستجدات التشريعية التي عرفتها المنظومة القانونية الجنائية في العقد الأخير ببلادنا، حيث تم بمقتضاه التركيز على أربع أنواع من العقوبات البديلة تمت إضافتها إلى العقوبات الأصلية والإضافية، متمثلة في: العمل من أجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكتروني، الغرامة اليومية وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية وعلاجية أو تأهيلية.

وتجدر الإشارة إلى أن الهدف من وراء الاعتماد على العقوبات البديلة بروز الدور الأساسي للمؤسسات السجنية والإصلاحية والمتمثل في الإصلاح وإعادة التأهيل والإدماج وذلك من خلال إصلاح الجاني وتفادي الآثار السلبية للإيداع بالمؤسسات السجنية في كل صورها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

انتهى بحول الله مع قوته.

 

The post العقوبات البديلة وفق القانون رقم 43.22 والمرسوم رقم 2.25.386 الـبـاحـث: عـبـد الـرزاق انـقـيـري appeared first on مجلة القانون والأعمال الدولية.

Source link

Exit mobile version