حرية الرأي والتعبير، التظاهر من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان
حرية الرأي والتعبير، التظاهر من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان
حرية الرأي والتعبير، التظاهر من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان

حرية الرأي والتعبير
يعد الحق في حرية الرأي والتعبير ركنا من الأركان الأساسية للمجتمع الديمقراطي وأحد الشروط الأساسية لتقدمه ونمائه، وهو شرط لا غنى عنه لتحقيق النمو الكامل للأفراد وعنصر أساسي من عناصر أي مجتمع، علاوة على كونه قاعدة أساسية يستند إليها التمتع الكامل بمجموعة كبيرة من حقوق الإنسان الأخرى. و”لا تشمل منظومة هذه الحرية فقط الأفكار التي يتم تلقيها بشكل إيجابي أو التي تعتبر غير مؤذية أو محايدة، وإنما أيضا الأفكار التي تغضب أو تصدم أو تزعج”.
وفي إطار استراتيجيته القائمة على فعلية الحقوق، يتابع المجلس الوطني لحقوق الإنسان جهود دعم وتعزيز مختلف أشكال ممارسة حرية الرأي والتعبير، ويؤكد الحاجة المتزايدة لضمان حرية التعبير في ظل التحديات الجديدة، والتي تأتي نتيجة استمرار الانزياح من الفضاء العمومي الواقعي إلى الفضاء العمومي الافتراضي، الذي أصبح حاضنا أساسيا لممارسة حرية التعبير. وهو ما يبرز أهمية توفير الضمانات اللازمة لممارسة هذا الحق في ظل التطورات التكنولوجية ويشدد على ضرورة التكيف مع هذه التحديات والمحافظة على حماية حقوق الأفراد في الفضاء الرقمي.
وفي هذا الصدد، دعا المجلس في الرأي الذي أصدره سنة 2022 بخصوص مشروع القانون رقم 71.17 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، إلى اعتماد «قانون حرية تداول المعلومات» باعتباره مدخلا أساسيا لمعالجة العديد من الإشكاليات التي أصبحت تطرحها الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير في العالم الافتراضي. ويمكن أن يشكل هذا القانون دعامة جديدة لحرية الصحافة والنشر، كما سيساهم في توسيع مجال ممارسة الحريات، خاصة على ضوء تطور التعابير العمومية داخل منصات التواصل الاجتماعي.
ويرى المجلس أن معالجة الإشكالات التي يطرحها الدور المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي كقنوات لممارسة الحق في حرية التعبير، تؤكد حتمية الانتقال من تأطير النقاش العمومي بمفهوم حرية الصحافة «press freedom » إلى مفهوم حرية الإعلام « Media freedom ». ولذلك فإنه يحث السلطات العمومية على الحرص، أثناء تدبيرها للإشكالات المرتبطة ببعض الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير، على الاسترشاد بالممارسات الفضلى والاجتهادات المتقدمة التي تبلورت في بعض التجارب المقارنة، خاصة فيما يتعلق بضرورة التعامل مع حرية التعبير، بما يسمح بتعزيز ضمانات حماية حرية الصحافة والنشر، سواء الورقي أو الإلكتروني وعلى منصات التواصل الاجتماعي. كما يحث السلطات القضائية على التشبث بمبدأي الضرورة والتناسب بما لا يمس الحق في حرية التعبير والصحافة والرأي وجعلها في منأى عن كل عقوبة سالبة للحرية فضلا عن المطالبة بالرفع من قيمة الدعم العمومي المباشر وغير المباشر المخصص لقطاع الصحافة، بما يضمن توسيع النشر وتعزيز التعددية والتنوع، ودعم تحديث الشركات الصحفية وتأهيلها وضمان استدامتها.
حرية التظاهر
يجد الحق في التجمع السلمي سندا له في المواثيق الدولية والدستور والمقتضيات القانونية ذات الصلة، وخاصة تلك المتعلقة بالتجمعات العمومية. وقد عرفت ممارسة حرية التظاهر في المغرب تطورا مهما خلال العقود الأخيرة، تحت تأثير الاستعمال الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي في مجال التواصل والتعبئة، حيث أضحت تشكل فضاء لظهور أشكال جديدة لممارسة الحق في التعبير والاحتجاج، مختلفة من حيث خصائصها وأشكالها، أو إطارها الزماني والمكاني. ويرى المجلس أن تحول الفعل الاحتجاجي الممركز والمؤطر قانونا إلى فعل احتجاجي منتشر على مستوى ربوع التراب الوطني مع اختلاف موضوعاته ومطالبه، هو انعكاس للوعي المتزايد للمواطنين بحقوقهم، وهو ما يخلق التوازن المطلوب في مجتمع ديمقراطي، بين ممارسة الحق في التظاهر السلمي كأحد مظاهر الحق في التعبير ومقتضيات المحافظة على النظام العام.
ويرصد المجلس ولجانه الجهوية التظاهرات والتجمعات السلمية بمختلف مناطق المغرب، والتي تتنوع بين ما هو موضوعاتي كالتمتع ببعض الحقوق، كالصحة والشغل والسكن والتعليم والماء الصالح للشرب، أو الاحتجاج على غلاء أسعار المواد الاستهلاكية، أو احتجاج بعض المجموعات المهنية، كاحتجاج المحامين على مشروع قانون المالية واحتجاجات الأساتذة المتعاقدين واحتجاجات السائقين على غلاء أسعار المحروقات واحتجاج الفلاحين، أو المطالبة بالإفراج عن فئة من المعتقلين، إلخ. وفي هذا الصدد، تتدخل اللجن الجهوية في بعض الحالات في إطار الوساطة والتدخل الاستباقي للحيلولة دون وقوع أي انتهاكات.
حرية تأسيس الجمعيات
يضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 20) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة (المادة 22) حرية تكوين الجمعيات، وهو التوجه الذي كرسه دستور 2011 في ديباجته وفي عدد من فصوله التي أقرت مجموعة من الضمانات والآليات المتعلقة بالحريات الجمعوية. ويتأطر العمل الجمعوي في المغرب بمجموعة من التشريعات، وعلى رأسها الظهير الشريف رقم 1- 58 – 376 الصادر في 15 نونبر 1958 الذي ينظم حق تأسيس الجمعيات.
ويرى المجلس أنه على الرغم من الضمانات القانونية التي تمكن المجتمع المدني من لعب دوره كفاعل وشريك في ممارسة الديمقراطية وفاعل في مسار التنمية، مازالت حرية الجمعيات تواجهها بعض التحديات التي تؤثر على فعالية العمل الجمعوي، وتفرز العديد من التوترات بين الفاعلين الجمعويين والسلطات المحلية الإدارية. ويعزى ذلك إلى غموض وتأويل النصوص القانونية المؤطرة لتأسيس الجمعيات، ولعدم انسجامها مع واقع الممارسة الجمعوية وأشكال التعبير العمومية الجديدة من جهة أخرى.
خلاصات وتوصيات أولية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاجات التي تشهدها عدد من المدن المغربية
نشر في 2 أكتوبر 2025
عقدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، يوم الأربعاء، فاتح أكتوبر 2025، اجتماعا موسعا مع رئيسات ورؤساء اللجان الجهوية لحقوق الإنسان، ومدراء ومكلفين بمهام لدى رئاسة المجلس، للتداول في أشكال تعزيز دعم رصد المجلس وتتبعه وتدخلاته، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها احتجاجات بعض الشباب في عدد من المدن المغربية في الأيام الأخيرة.
وكان المجلس قد قام بتشكيل فرق للرصد والتتبع الميداني والتدخل الحمائي منذ انطلاق دعوات الاحتجاج، على مستويات ثلاثة رئيسية: جهوي، من خلال لجانه الجهوية بالجهات الاثنتي عشرة، ووطني وعلى مستوى الفضاء الرقمي، بما في ذلك التواصل الميداني مع السلطات المحلية أو مع الشباب بأماكن الاحتجاج.
وإذ يرى المجلس بأن الفضاء الرقمي هو الحاضن اليوم للحريات، حيث تتبلور في سياقاته قيم جديدة تشكل إطارا لانخراط الشباب ومشاركاتهم وتعبيراتهم السلمية على مطالب حقوقية أساسية ومشروعة، فإنه يسجل ما يلي:
• انطلاق احتجاجات الشباب بدعوات للاحتجاج، حيث التزمت في بدايتها بالتجمع السلمي، بعض منها عرفت بعد ذلك أعمال عنف، بما في ذلك بعض أشكال التدخل غير الملائمة أو المناسبة، وأشكال عنف خطيرة أخرى، فضلا عما ميز بعضها من انحراف ورشق بالحجارة وسرقة وإحراق سيارات وإتلاف ممتلكات عمومية وخاصة (…)؛
• ضرورة ضمان الحق في التجمع السلمي، باعتباره مكتسبا من مكتسبات المسار الوطني في اختياراته المرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بما في ذلك المسؤولية المشتركة بين القائمين على الاحتجاجات والداعين إليها والسلطات العمومية في حفظ النظام العام وفي نفس الوقت ضمان ممارسة حق التعبير والحق في التجمع السلمي؛
• الحرص على إعمال التأويل الحقوقي للحق في التجمع السلمي، بغض النظر عن التصريح أو الإشعار وضرورة ربطه بضمان سلمية التجمع والتظاهر واستحضار خصوصيات التعابير الرقمية الناشئة في هذا الإطار؛
• ضرورة حماية المواطنات والمواطنين وضمان حقوقهم في التظاهر السلمي وتعزيز الحماية من أي أشكال عنف قد تمس الحق في السلامة الجسدية سواء للمحتجين أو القوات العمومية.
في إطار تتبعه للفضاء الرقمي، رصد المجلس العديد من التعبيرات الرقمية سواء داخل منصة “ديسكورد” أو منصات تواصل اجتماعي أخرى، تتضمن محتوى مضللا، وأخرى تتضمن دعوات صريحة وخطيرة للعنف والتحريض عليه والدعوة إلى إحراق مؤسسات ومباني حكومية واستهداف أماكن إقامة مسؤولين، والتهديد باللجوء إلى التصفيات، فضلا عن المس الصريح بكرامة مواطنات/مواطنين غير راغبين في المشاركة في المظاهرات أو يدعون في تعليقاتهم/ن ومحتواهم/ن إلى الالتزام بنبذ العنف والحرص على الالتزام بالسلمية، خاصة النساء (قاسم مشترك: من حسابات حديثة، وأخرى مغلقة، وأخرى لا تنشر أي محتوى، لا اشتراكات بها، وحسابات عديدة يتبين من خلال التدقيق في معلوماتها وسلوكها ومنشوراتها أن أصلها من دول أجنبية – يتم الانتباه إلى بعضها في بعض الأحيان).
بناء على التداول والتفاعل بشأن هذه الخلاصات الأولية لتقارير الرصد والملاحظة والتدخل، يجدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان التذكير بالمبادئ الحقوقية التالية:
• الحق في حرية التعبير، حق كوني ودستوري وقاعدة أساسية يستند إليها التمتع الكامل بمجموعة من حقوق الإنسان الأخرى، بما لا يمس بحقوق الآخرين وسمعتهم أو بحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
• الحق في التجمع السلمي، بما في ذلك المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات والوقفات السلمية (…)، حق كوني يكفله الدستور المغربي، ويعتبر من أسس المشاركة والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتعددية؛
• يتعارض التجمع السلمي، كما تكرسه المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، “مع التجمع الذي يتسم بعنف خطير وواسع النطاق”. كما لا يجوز، وفقا لذلك، “ممارسة هذا الحق باستخدام العنف”.
وقد واصل المجلس مساء أمس الأربعاء فاتح أكتوبر رصده، على المستويات الثلاث (وطنيا/جهويا/رقميا)، حيث سجل احتجاجات سلمية بعدد من المدن، عرف بعضها حضور عدد كبير من الأطفال القاصرين في سلا، الراشيدية، الداخلة، تارودانت، القليعة، كلميم والرباط، وسجلت بعضها أشكال عنف خطيرة.
وإذ يعبر المجلس عن أسفه الشديد جراء وفاة ثلاث أشخاص في أعقاب الاحتجاجات التي شهدتها القليعة بعمالة إنزكان، وتسجيل إصابات في صفوف محتجين وفي صفوف القوات العمومية طيلة أيام الاحتجاجات، فإنه:
• يسجل إصدار بلاغ للرأي العام بخصوص ملابسات سقوط ضحيتين بالرصاص الحي، قبل ان يصل العدد إلى ثلاثة أشخاص؛
• يرحب بإطلاق سراح عدد كبير من المحتجين؛
• يدين محاولة اقتحام وإضرام النار بمركز الدرك الملكي بالقليعة، مع العلم أن عائلات تقطن في الطابق الأول؛
• يشدد على ضرورة فتح تحقيق في كل الحالات التي كان فيها مس بالحياة أو السلامة الجسدية ويؤكد، وهو يتابع هذه التطورات المؤسفة، أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ستواصل عمليات الرصد وتتبعها الميداني وتدخلاتها، فضلا عن ملاحظة المحاكمات.
وإذ يتقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتعازي لأسر الأشخاص الثلاثة، فإنه يبقى ولجانه الجهوية منفتحا على كل التعابير والحوار بشأن إعمال فعلية الحقوق والحريات لكافة المواطنات والمواطنين.
مشروع قانون تحديد شروط وكيفيات ممارسة الإضراب pdf
This post حرية الرأي والتعبير، التظاهر من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان first apperared on المفيد في القانون and is wirtten by admin
حرية الرأي والتعبير، التظاهر من منظور المجلس الوطني لحقوق الإنسان